نود في البداية الإشارة إلى أن مصطلح المستهلك رغم حداثته، إلا أن مضمونه كان موجودا في التشريع الإسلامي، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم «من غشنا فليس منا»، وقوله تعالى «وأوفوا الكيل والميزان بالقسط».
وعمليا كان هناك جهاز للحسبة في الدولة الإسلامية كأداة لحماية المستهلك، أما في القوانين الوضعية فقد وجدت أنظمة حماية المستهلك لمحاربة الغش التجاري، وللاهتمام بالمستهلك باعتباره الجانب الضعيف تقنيا واقتصاديا في علاقته بالمهني والمنتج المحترف والمقتدر ماليا ومعلوماتيا.
ونظرا للتطور السريع في استخدام الانترنت في شتى المجالات، بما في ذلك إبرام العقود وسداد قيمة البضاعة، أو الخدمة بصورة الكترونية، فقد تعرض المستخدم له (المستهلك) لمخاطر بالاعتداء على سرية الأرقام الخاصة ببطاقات الائتمان، أو تحويل الأموال لغير الغرض المخصصة له.
ونتيجة للرغبة في حماية المستهلك، وتشجيعا للتجارة الالكترونية فقد صدر العديد من القوانين الأوروبية لحماية المستهلك، خاصة بعد الاعتراف في كثير من الدول بالتوقيع الالكتروني والقيمة القانونية للمعاملات الالكترونية، وفي مصر كنوع من الحماية ظهر اتجاه للاعتراف بالتشفير كوسيلة لحماية المعاملات الالكترونية، ومن ذلك قانون التجارة الالكترونية المصري.
وفي السعودية ظهر في عام 2007 كثير من المواقع الالكترونية لتبصير المستهلكين بحقوقهم وإعطائهم نصائح وإرشادات للمطالبة بحقوقهم. ومن المواقع التي نالت شهرة وإقبالا لدى جمهور المستهلكين، موقع أنشأه بعض الشباب المهتمين بحقوق المستهلك يسمى مقاطعة، أي مقاطعة التجار الجشعين، وأهداف الموقع كما وضعها القائمون عليه تتمثل في الآتي:
1. وضع حد للارتفاع في الأسعار.
2. توعية المستهلك بالمنتجات التي قامت أخيرا برفع أسعارها من دون وجه حق.
3. إيجاد بدائل منتجات أخرى محافظة على أسعارها ودعمها.
وأنشأت مجموعة أخرى من المهتمين بحماية المستهلك موقع (المستهلك دوت كوم)، وهو يعنى بشؤون المستهلك في المملكة العربية السعودية والعالم العربي.
كما اهتمت المملكة قانونا بحماية المستهلك، حيث أصدرت نظام التعاملات الالكترونية ولائحته التنفيذية، والتي أوكلت للمركز الوطني للتصديق الرقمي العديد من المهام، ومنها تحديد واجبات مقدم خدمات التصديق ومسؤولياته (م 18)، كما حددت اللائحة التنفيذية للنظام ضــوابـــط حــفظ السجلات والبيانات الالكترونية، ومنها الفقرة (2/3) بأن يتضمن السجل الالكتروني البيانات التي تحدد هوية السجل، وارتباطه بالتعامل الالكتروني والسجلات الالكترونية الأخرى، وحددت المادة (4) من اللائحة التنفيذية طريق حفظ السجلات، وحددت المادة (5) شروط الحفظ وهو الأمر الذي أضفي الحماية على التعاملات الالكترونية بشكل فعال.
ونظرا لأن التعامل بالانترنت أصبح كبيرا، ولوجود مواقع عديدة تنظم ملايين الإعلانات المزورة والاحتيالية الموجهة لمواقع الانترنت بغرض استقطاب مستخدم الانترنت واستدراجه لتعاملات القصد منها النصب والاحتيال، ونظرا لكثرتها، فإنه من الصعب الإمساك بها والإبلاغ عنها، كما أنه لا يمكن لجهة بعينها أن تواجه بمفردها تلك العناصر الإجرامية المنتشرة بشكل موسع على شبكة الانترنت، والتي تهدد بشكل صريح ثقة المستخدمين بالمواقع التي يزورونها.
لذلك اقترح إنشاء منظمة سعودية مكونة من تحالف الجهات المعاملة في الانترنت، وتكون غير ربحية لحماية المستهلك مستخدم الانترنت لكشف تلك الإعلانات، خصوصاً في المواقع والمنتديات والمدونات، وتتبادل فيما بينها المعلومات حول عمليات الاحتيال عن طريق الإعلانات وتنبيه المستخدم من نوعية هذه الإعلانات الخبيثة ووضع الآليات التي من شأنها التصدي لها وحجبها.
والموضوع بحاجه إلى عدة مقالات وليست مقالة واحدة نظرا لأهميته، واكتفي هنا بما أردت بيانه بغرض التنبيه إلى أهميه هذا الموضوع.