اشارة إلى مقالي السابق حول الشركة العائلية ونظرا لأهمية الموضوع وحجم قضايا الخلافات بين الورثة بعد دخولهم كشركاء في الشركات التي تؤول اليهم بالميراث وما ينشأ من صراع على الادارة مما يترتب عليه تعطل سير العمل بالشركة، لذلك فقد رأيت الكتابة مرة أخرى عن ذات الموضوع نظرا لأن نظام الشركات السعودي الأخير الصادر بالمرسوم الملكي الصادر عن (1437ه) لم يتضمن حلول للمكاتب أو المؤسسات التي يزاول مؤسسها العمل ثم يتوفى إلى رحمة الله، حيث يتم تصفية العدد الأكبر من تلك المنشآت بسبب اختلاف الورثة على من يستفيد بالسجل بسبب الخلافات بينهم، مما يؤدي إلى هدر الخبرات التي اكتسبتها المنشأة وسمعتها التجارية ولم يفلح الميثاق الاسترشادي للشركات العائلية الصادر عن وزارة التجارة في التخفيف من الخلافات التي تنشب بين الأبناء عند وفاة المورث، وكذلك في تدخل الشركاء في الإدارة، حيث تضمن الميثاق بعض القواعد العامة مثل تنظيم عمل أعضاء العائلة في الجهاز التنفيذي، وبيان سياسة توزيع الأرباح، ورسم آليات تصرف المساهم في الأسهم والخارج، وجاءت أهدافه طموحة لإقامة توازن بين مصالح أعضاء العائلة ومصالح الشركة ونوعية أعضاء العائلة بحقوقهم والتزاماتهم، وتنظيم قيمة الشركة وتنمية أعمالها وجعل الشركة قاعدة المساهمة دائمة للعائلة في خدمة الاقتصاد الوطني، وتشجيع استقلال مؤسسات الشركة وفريقها التنفيذي عن العائلة، والشفافية والوضوح في علاقات أعضاء العائلة.
لكن على أرض الواقع فإنه لا يوجد صدى لذلك الميثاق في التنفيذ العملي، حيث خلا نظام الشركات وتعليمات وزارة التجارة من أي حلول من شأنها علاج المشكلات الحاصلة في المجتمع، الأمر الذي أفضى إلى قصر متوسط عمر الشركات العائلية في المملكة، الذي قدرته بعض الدراسات بأقل من 30 عاما، وقدره بعضها الآخر ب 40 عاما، بينما هناك شركات في اليابان وأوروبا مضي على تأسيسها مئات السنين
لذلك قد يكون الحل في تشكيل لجنة من وزارة التجارة والغرف التجارية يتم اللجوء اليها من قبل أي من الورثة الحاصل بينهم الخلاف على استمرار المنشأة أو الشركاء في الشركات العائلية، لتتولى التوفيق بينهم لضمان الاستفادة من جهود المورث المؤسها في استمرار المنشأة بين من يقدر ويرغب في استمرارها، وإقناع المعارضين بالتسويات الودية فيما بينهم، هذا من جانب ومن جانب أخر صياغة میثاق عائلي يكون بشتابة موجع أو دستور يحظى بقبول افراد العائلة، ويرجعون إليه لتحقيق غرض استمرار عمل المنشآت فيما بين الجيل الثاني وما عليه.
ويفترض أن يقوم هذا الميثاق على مجموعة من القواعد والضوابط القانونية والشرعية التي تضبط تصرفات أفراد العائلة، وتمنعهم من تغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الشركة
وبالبحث وجد ان مشكلات الشركات العائلية تبدأ من الجيل الثاني، ثم تتفاقم في الجيل الثالث، ولا تقوى على الوصول إلى الجيل الرابع في غالب الأحيان.
لأن الجيل الثاني قد يوجد من بين أفراده من يستغل عدم وجود المورث فيطلب كل شي ويتعسف في مواجهة شركائه الآخرين، ويسعى إلى الاستحواذ على كل شيء، ولأنه لا يوجد نظام يقيده أو يحد من أطماعه، لذلك تنشأ الخلافات ويحصل الأمر إلى القضاء، خاصة في الشركات العائلية التي يتزايد فيها الأخوان أو يوجد بينهم غير أشقاء، وأحيانا بحكم الميراث أو الشراكة بين المؤسسين وأبناء العمومة، لذلك فإن شقة الخلافات تزداد وتتسع وتتشعب من الأخ إلى الأخت، ثم أبناء العمومة، إلى آخر الاشكال العائلية المعقدة والمتشابكة. |
لذلك أقترح أن تبحث وزارة التجارة مع الغرف التجارية لإيجاد حلول لمشاكل الشركات العائلية ولا تكتفي بإصدار میثاق، لأن الشركات العائلية تشكل أكثر من 80% من شركات المال والأعمال، كما أن تأثيرها في الاقتصاد الوطني كبير
للغاية.
لذلك فإن الأمل معقود على عدم جواز تغية الشركة العائلة خاصة إذا كان من بين أفراد العائلة من يرغب في استمرارها، ولتقديم المساندة للشركات العائلية، من حيث الإدارة و التنظيم الإداري و غير ذلك.