حلّق بفكرته بعيدا عن السرب القضائي المعتاد وتفرّد برسالة نوعيّة تحمل عنوان “النظام القانوني للاستخدام التجاري للفضاء”. ومع نوعية الفكرة وغرابة العنوان غير المسبوق إلا أن رسالته كانت الأكثر مواكبة وملامسة لنهج ريادة الفضاء الذي تنشده المملكة وتخطو خطوات متسارعة لبلوغه.
استبق المحامي مازن بن عبد الوهاب كردي الحاصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة كامبريدج العالمية الزمن ليقدّم تصورا قانونيا للاستخدام التجاري فضائيا -وليحوز بفكرته شرف البداية مسايرا برسالته طموحات التمكين وإطلاق القدرات ودعم المواهب السعودية في مجال الفضاء – أهم رهانات برنامج رواد الفضاء ، و انطلاقا الى مستقبل أكثر إشراقًا مع رؤية المملكة 2030 التي وضعها صاحب السمو الملكي ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ،لتكون خارطة طريق تعزز نقاط قوتنا التي وهبنا الله إياها ،ووضعت أُسس قوية للأبداع و الابتكار لتحقيق الاهداف و التي منها ريادة الفضاء و من ثم البحث في و سائل تنظيمه.
ومن المحفزات التي اشعلت الفكرة والمحطات التي ألهمت ” كردي” قبيل شروعه في اختيار عنوان رسالته ومن ثم إنجازها لعل أبرزها تاريخ المملكة الفضائي وقصص نجاح رواده والتي بدأت قبيل أربعين عاما ولا تزال تتجدد ليس هذا فقط بل استثماره للمناخ المحفّز الذي وفرته رؤية المملكة يدعو السعوديين لإيقاظ المارد داخلهم والولوج في رحلات استكشافية لخدمة البشرية واستثمار الفرص الواعدة التي يقدمها قطاع الفضاء وصناعاته عالميًّا ومن بعد التسابق الدولي في مجال الفضاء الخارجي واكتشافاته والذي يمثل اليوم مظهرا من مظاهر القوة والسيطرة التي ترجح كفة دولة على أخرى.
ومع كل المحفزات يتجلى أقواها في عشق ” كردي ” لاختيار المسارات الصعبة مهنيا – والرائدة على المستوى الإقليمي والعربي والتي لم يسلكها كثيرون من قبل ، الأمر الذي توثقه رحلته العملية وبصماته الناجحة في كل محفل مهني ومنها توليه رئيسا للشؤون القانونية في المنظمة العربية الأوربية بجنيف و رئيسا للفريق القانوني للمملكة لدرسيه الانبعاثات الناتجة من الطائرات في منظمة ايكاو،
هذه المقومات جعلته عازفا عن كل العناوين القضائية المعتادة واختياره عنوانا وموضوعا فريدا لرساله قانونية كُتبت اليوم لتخدم أجيال المستقبل.
حرص ” كردي ” في رسالته على وضع قواعد واحكام خاصة لتنظيم استخدامات الفضاء وتوثيق الوضع القانوني لاستخدامات الفضاء الخارجي وتنظيمها حتى لا يكون هناك فراغ قانوني ناشئ عن عدم مواكبة قواعد القانون الحالي للتطبيق والنفاذ على الفضاء الخارجي لاختلاف البيئة الفضائية عن البيئة الأرضية وتميز النشاطات الفضائية
أبدع “كردي” في رسالته لوضع تشريعات وطنية تنظم استغلال الفضاء وتشجيع الاستثمارات فيه وتوفير الدعم الحكومي اللازم لتنظيم النشاط، والتعرف على حقوق والتزامات الدول الفضائية وغير الفضائية قيما يتعلق باستخدامات الفضاء من منظور دولي.
ومع كل ما احتوته خطة رسالة الدكتوراه للمحامي مازن بن عبد الوهاب كردي من تقدير من المشرفين على خطة الرسالة في محفل البحث والمناقشة وثناء رفقاء المهنة الذين اطلعوا عليها من محامين ومتخصصين –على حسن الاختيار والطرح الناجح إلا ان قماشة الثناء تتسع إذا أدركنا قيمة الرسالة -نفعا وتأثيرا – على مستقبل البشرية.
رسالة “كردي” كُتبت بقلم الحاضر لتخدم المستقبل فلنقرأها ونتوقف أمام تفاصيلها إذا أردنا معرفة قانون العيش في عوالم لم نصل اليها بعد.